شهد الاقتصاد العالمي ضربة موجعة بقيام مواطني بريطانيا بالتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي في الاستفتاء الذي تم في 23 يونيو 2016 الماضي، وهو ما اثار حالة من القلق في الأوساط الأوروبية بل والعالمية خشية استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الذي يشهده العالم في الوقت الحالي.
وفي هذا المقال نستعرض كيف بدأت فكرة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، واسباب القيام باستفتاء من اجل تحديد مستقبل بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، وما هي الاسباب الداعمة للخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي، والنتائج المترتبة على ذلك.
مرحلة الاستفتاء:
بدأ الاهتمام بقضية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بعد وعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجراء استفتاء شعبي حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد الاوروبي من البقاء فيه او عدمة، وهو ما كان استجابة للأصوات المتصاعدة للمواطنين ونواب حزب المحافظين وحزب الاستقلال البريطاني الذين يرون ان بريطانيا وهي واحدة من اقوى الاقتصاديات في الاتحاد الاوروبي والعالم مما ادى لتدعيم دورها في المشهد الدولي الا ان بريطانيا ليس لها صوتا مسموع داخل الاتحاد الاوروبي نفسه ذلك بالإضافة الى تدخل قوانين الاتحاد الاوروبي في حياة المواطنين البريطانيين اليومية، وهو ما ادى الى ادلاء رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بتصريح يقول فيه انه حان الوقت للبريطانيين من إقرار مصيرهم في البقاء داخل الاتحاد من عدمه.
– اسباب المطالبة بالخروج من الاتحاد الاوروبي:
1- قضية الهجرة الاوروبية الى بريطانيا: وهي من اكثر الاسباب التي ادت الى تصاعد الاصوات المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي حيث انه وفقا للإحصاءات فان هناك نحو 300 ألف مهاجر يدخلون الى سوق العمل البريطاني سنويا ويزاحمون البريطانيين في العمل، ذلك بالإضافة الى استفادتهم من نظام الاعانات الاجتماعية، وبالرغم من ان ديفيد كاميرون كان يسعى باستمرار الىذ تعديل القوانين المرتبطة بالهجرة الا انها كانت دائما ما تقابل بالرفض، الى ان تمت الموافقة على بعض مطالب ديفيد كاميرون عام 2016 لإقناع المطالبين بالانسحاب البريطاني من الاتحاد الاوروبي بالعدول عن موقفهم.
2- التوفير المالي للرسوم الضريبية المفروضة من قبل الاتحاد: حيث ان بريطانيا ملتزمة بدفع نحو 350 مليون جنيه استرليني اسبوعيا لدعم موازنة الاتحاد وهو ما يثقل كاهل موازنتها العامة التي بالفعل تعاني من العجز.
3-التحرر من القيود الاوروبية: التحرر من القوانين الاوروبية المقيدة لبريطانيا في المشهد العالمي من حيث الاتفاقات التجارية وغيرها وهو ما يحرر بريطانيا قضائيا من محكمة العدل الاوروبية.
الاستفتاء والنتائج المترتبة عليه
بالرغم من ان الاستفتاء كان من المخطط له أن يتم بنهاية عام 2017 الا ان ديفيد كاميرون اعلن تقديم موعده ليكون في يوم 23 يونيه 2016، ليكون اليوم الذي يقرر فيه المواطنين البريطانيين مستقبلهم في الاتحاد الاوروبي، وقد انقسم المواطنون في بريطانيا الى فئتين احداهما مؤيدة للخروج من الاتحاد الاوروبي والاخرى معارضة له وهو ما ادى الى العديد من المناظرات بين مؤيدي ومعارضي الخروج من الاتحاد، ويعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون نفسة هو اهم المعارضين للخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي وهو ما جعله يصرح بقيامة بالتخلي عن منصبة اذا ما تم التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي.
وهو ما تم بالفعل بعد قيام البريطانيون بالتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي بنسبة 52% مقابل 48% مؤيدين للبقاء في الاتحاد الاوروبي، مما جعل ديفيد كاميرون يتخلى عن منصبه لتحل محلة تيريزا ماي وزيرة الداخلية للمملكة المتحدة يوم 13 يوليو 2016، وهناك العديد من النتائج التي ترتبت على ذلك الاستفتاء منها:
– النتائج المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي:
1- هبوط الجنيه الاسترليني لأدنى مستوياته منذ عام 2005 امام الدولار وذلك بعد يوم واحد فقط من الاستفتاء والتوقع باستمرار ذلك الهبوط لمستويات تصل الى 1.2 – 1.25 دولار على المدى المتوسط بنسبة انخفاض تصل الى 20%.
2-ظهور حركات الاستقلال عن المملكة المتحدة حيث ان الاصوات بدأت تتزايد في اسكتلندا للانفصال عن المملكة وذلك بهدف البقاء في الاتحاد الاوروبي حيث ان ناخبين في اسكتلندا كانوا مؤيدين بصورة كبيرة للبقاء في الاتحاد الاوروبي بنسبة وصلت الى 62%.
3- توقعات بفقدان بريطانيا ميزة الدخول الى الاسواق الاوروبية مستقبلا و على المدى الطويل وهو ما سيفقدها احد اهم الاسواق التي يتم التصدير لها بالإضافة الى فقدها لحرية الدخول الى العديد من الدول التي كانت ترتبط معها باتفاقات تجارية بحكم انها احدى اعضاء الاتحاد الاوروبي كسنغافورة مما يحتم عليها ابرام اتفاقات ثنائية مع تلك الدول.
4- وفقا لوزارة الخزانة البريطانية فان حصيلة بريطانيا الضريبية ستنخفض بنحو 36 مليار جنية استرليني، والناتج القومي الاجمالي سينخفض بنسبة 6.6% بحلول 2030، في حين انه كان من المتوقع ان يحقق الناتج المحلي الاجمالي ارتفاعا بنسبة تتراوح بين 3.4% الى 4.4% خلال نفس الفترة.
